تجارب مهنية

نهتم بمواضيع متعددة كالهندسة و العقارات و البيئة و مواضيع أخرى عامة , نأمل متابعتكم و مقترحاتكم لكي نستمر في التطور و التحسين على الدوام.

recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

أترك تعليقك و رأيك الذي يضيف إلينا و نتعلم منه و نتطور

الصناعات الحرفية في السودان

 

الصناعات الحرفية في السودان

الصناعات الحرفية في السودان


        المعروف أن غالبية سكان السودان يعملون إما في الزراعة أو الرعي يشتغل القليل منهم يعمل بالتجارة وأشغال المدن والوظائف الحكومية ويكسبون من ذلك وسائل معيشتهم. ويمارس بعضهم الأشغال اليدوية والصناعات الحرفية الهامة ولربما يعتمد عليها جزء منهم بصورة كاملة. ويمكن تقسيم الصناعات الحرفية إلى نوعين بناء على الأشخاص الذين يمارسونها. حيث أن بعضها يقوم به الرجال والبعض الآخر يعد من صميم عمل النساء. وكثير منها مشترك بينهم. وهناك بعض البحوث العلمية التي تناولتها بالدراسة والتحليل.

الرجال:

     توجد مجموعة من الأشغال اليدوية التي تخصص في كل منها بعض الرجال منها مثلاً:

1. الحدادة:

        ويسمى الشخص الذي يمارسها بالحداد. وهو نافخ الكير الذي ورد في حديث الرسول (ص) عن صديق الخير الذي شبهه بحامل المسك وصديق الشر الذي شبهه بنافخ الكير في قوله (ص): (نافخ الكير إما أن يحرق ثيابك أو تشتم منه رائحة نتنة وحامل المسك إما أن تبتاع منه أو تشتم منه رائحة طيبة). ويبدو أنه لذلك السبب ينظر إليه الناس باحتقار ويتحاشون زواجه. وهو يقوم بصناعة الجراري بأنواعها المختلفة التي تستخدم في الزراعة التقليدية والسكاكين والمناجل والحلل والمسامير والمشابك ولجمات الخيول والإبل والحمير والمناقيش والمخارس وأعمدة فنادق البن والمقصات بما يعرف بمقص الحدادي وموس الحدادي الذي يستخدم في الطهارة البلدية والصرائم البلدية لأن الصريمة الإفرنجية تصنع في الخارج وتشتري من الأسواق والسيوف المحلية والدولات ومفردها دوال وهو (الركاب).

2. الأدوات الركابية:

        نجد العديد من الأدوات التي توضع على ظهر الدواب ليركب الناس عليها ويقوم بصناعتها بعض الأشخاص. وهي مختلفة الأحجام والأشكال ولربما المواد التي تضع منها خاصة الأشجار. منها مثلا السروج والبرادع أي اللبد ومفردها لبده.

 

3. الصناعات الصوفية:

        هذه نجدها بصورة غالبة في أشغال السجون. وذلك نسبة لأنها تحتاج لكمية كبيرة من الصوف والخيط السميك وبعض الألوان (التفته). بالتالي تكون مكلفة وصعبة الحصول. منها مثلاً الشََمال (الأبسطة) بأحجامها المختلفة وشنط الوبر السوداء والبنية والمصلايات.

4. السعف:

        وهو عبارة عن أوراق شجر الدوم الذي ينمو في دار فور بكثرة ويوجد في أماكن بعينها. وله ثمار حلوة الطعم رغم صلابة قشرتها الخارجية. ويباع بكميات كبيرة في الأسواق ويعبأ في جولات ويشحن لبيعه في الأسواق الخارجية. وتوجد في داخل الثمرة نواة كروية تستخدم في لعبة شليل المحببة لدى الصبية والشائعة في جميع أنحاء السودان. ويؤخذ من الدوم الجزء الذي يكون في شكل لفافة اسطوانية طويلة في منتصف الأوراق والذي يشير إلى النمو ويتفرع إلى ورقة كبيرة بعد أن يكبر ويظهر آخر بدلا عنه. ويشقق هذا الفرع إلى شرائح وفقا لتقسيماته الداخلية وينشر ليجفف ويستخدم بعد ذلك بعد رشه بالماء أو عطنه في الطين المبتل لتقويته. وتصنع منه البروش بأنواعها وأحجامها المختلفة كالجفندي والحواقة الذي يلون بالتفتة والذي يغطى به بيت العروس وتحاط به البيوت من الداخل ويستخدم في الجرتك. وبروش المساجد والمقاهي السفرية والمصلايات والأحذية التي تسمى أم سعيفة والقفاف المختلفة والشباك والكابدلو وجوالات حفظ الطماطم المجففة (الصلصة الجافة) والشطة والشرموط والويكة والدخن وسقوف المنازل البلدية والحصائر وبروش الدخان وغيرها. وهناك بعض الصناعات السعفية التي تقوم بها النساء.

5. الجلود:

        تأخذ الجلود من ذبائح الإبل والبقر والضأن والماعز والحيوانات البرية كالفيل والزراف والبقر والغزلان والضربان والنمور والفهود والقطط الخلوية والزواحف كالتماسيح والأصلة والثعبان الأرقط والورل. وينزع عن بعض جلود الحيوانات الأليفة الصوف والوبر. أى دباغتها لتخضع لاستعمالات معينة. بينما تترك بعض جلود الضأن بصورتها الطبيعية وتدبغ لاتخاذها كمصلايات. أما جلود الحيوانات البرية خاصة المشعرة فقيمتها تكمن في الشعر نفسه والذي يكسبها منظرا جميلاً. وتعالج هذه الجلود عن طريق شدها بالأعواد أولا ثم دبغها بالقرض عن طريق الدباغين. ويستفاد منها في صناعة القراف والسعون والقرب المائية والسياط والفراء والغرر والأحذية بأنواعها وأغماد وأجفار السكاكين والسيوف والشنط البلدية وغيرها.

6. الحجارة:

        تصنع من الحجارة الكبيرة شبه المسطحة المراحيك (جمع مرحاكة وهي الرحاية البلدية) وأولادها. ذلك لندرة الطواحين في مختلف أرجاء دارفور. وتتخذ النساء من الحجارة الكروية الكبيرة اللداية (جمع لديه وهي الإسفين). كما تسخن الحجارة الصغيرة وتوضع في اللبن بغرض تسخينه ويسمى اللبن المقنن. وكذلك يستفاد منها في شواء اللحوم التي تسمى في شرق السودان بالشية السلات.

7. الاخشاب:

يقع الجزء الجنوبي والغربي من دارفور في حزام السافنا الغنية. وتوجد به الخيران والوديان والمستنقعات الكبيرة. وتشتهر هذه المنطقة بقطاعها النباتي الكثيف وأشجارها الضخمة الجذوع والفروع ونباتاتها وأعشابها الغزيرة. لذلك أدخلت فيها بعض المناشير لتوفير الأخشاب محليا وخارجيا وقامت نتيجة لذلك بعض الصناعات المحلية المعروفة بالمويبليا . وق استفاد أهل دارفور من هذه الوفرة في احتراف بعض الصناعات الخشبية اليدوية لسد بعض احتياجاتهم. منها مثلا صناعة الأقداح والفنادق وأعمدتها ودقاقات العيوش وأعوادها وأعواد السكاكين بالإضافة إلى سن الفيل والعاج والمترارات أى المحالج البلدية. كما أنهم يصنعون منها أعواد المخارس والعصي والسفاريك والحنفة وأعواد الحراب والجراري والكندقار والفؤوس وحطب البناء والأحذية المصنوعة من القفل والرطرط التى تسمى (الكرل) ومقاعد الككر والحق وأسباح اللالوب وألواح القران والكبصورات لسقى الأبل خاصة وأقلام البوص والفاعوص والسروج وغيرها. 

8. القطن والحرير:

 بالنسبة للحرير فأن جميعه من الخارج أو يشترى من الأسواق المحلية وبألوان متعددة. أما القطن فجزء منة يصنع محليا بما يعرف بالمترار وبعضة يشترى من الدكاكين. وبالرغم من انتشار ماكينات الحياكة إلا أن الناس مازالوا محافظين على بعض حرفهم كصناعة الطواقي والفراد. ولديهم نوعان من الطواقي. إحداهما في شكل شرائط يحيكونها بين القماش المستدير وتسمى أم شرائط. والأخرى تكون مكسوة بالخيط الحريري وتسمى السد. ولكل ألوان مختلفة خاصة الأبيض والأحمر والأخضر والبرتقالي. وتنتهي الطاقية بقرص تتفاوت أطواله ويضعها الشباب بطريقة معينة وتسمى مشنقة خاصة الزقندية وهم راقصو السنجك. وبعضهم ما يزال يحيك حتى الآن ملابسة بيده خاصة السراويل والملابس الخفيفة كالعراريق مثلاً. ولعل أشهر جلابية هي جلابية عامر وهو أحد سكان الفاشر والتي يحيكها ترزي في مصر ويرسلها له وهي المعروفة بقميص عامر كما أن أهل دارفور نقلوا طرازها إلى السودان.

        وتسمى القطعة المنسوجة من القطن البلدي بالُتكيَّة وجمعها تكاكي. وقد كانت في يوم من الأيام تقوم مقام العملة قبل دخولها وتعرف الناس عليها بل كانت سائدة بين دار فور والبلدان والمناطق الأخرى وتستخدم في شراء السلع.

9. الدباغة:

        تعتبر دار فور من كبرى مناطق الإنتاج الحيواني في السودان. وبها ثروة ضخمة من الماشية متعددة الأنواع. بالتالي فهي منطقة غنية بجلود الحيوانات الأليفة والوحشية. وبها حظيرة مفتوحة للحيوانات وهي محمية الردوم. ويكثر فيها الصيد رغم وجود قانون صارم لحماية الحياة البرية الذي يصل إلى حد الإعدام. لكن تشتري الذبائح بأثمان بخسة قياسا ببقية السودان خاصة الخرطوم. وحتى منتصف السبعينيات تشترى اللحمة إما بالوقة أو في شكل أجزاء كاملة لابد أن يكون معها الصف أي الضلوع أو الأرجل ومعها الذنب بمعنى أن تباع مثلاً إحدى الأرجل الأمامية ومعها الضلوع أو الخلفية ومعها ذيل الخروف. ولا تباع الكمونية وإنما تقدم للمشتري في شكل هدية. كالأمعاء والكبد والكلية والقلب مثلاً. وحينها كانت اللحمة في المطاعم أرخص من الفول المصري. لكن بالرغم عن ذلك لا توجد بها مدبغة حديثة إطلاقا بينما ان الشخص مالك أكبر وأشهر مدبغة في السودان (مدبغة النيل الأبيض مدبغة الخرطوم) والتي اشتراها من الدولة بعد تطبيق برنامج الخصخصة. وهو الدكتور إبراهيم الحاج من أبناء نيالا بجنوب دارفور. ونسبة للطلب المتزايد للصناعات الجلدية فقد درج بعض الأشخاص على التخصص في ممارسة الدباغة البلدية للجلود في دار فور. والدباغي مثله مثل الحدادي يسخر منه الناس حيث يرددون مثلهم القائل "جاور الدهانية وما تجاور الدباغية " رغم أن المهنة يمارسها الرجال وليست النساء.

النســاء:

        رغم أن بعض الصناعات اليدوية يتخصص فيها الرجال في دار فور، إلا أن المرأة في دار فور مشهود لها بطول خبرتها وحسن إبداعها وعظمة مجهودها في ذات المجال. وقد استفادت كثيراً في ذلك مما تزخر به البيئة من مواد خام وازدياد رغبة الناس لما تبدعه من صناعة بصورة دائمة. وقد تشارك الرجل في بعض منها رغم وجود صناعات يدوية خاصة بها وتتفرد في إنجازها وبمهارة عالية. ويعتبر دخل المرأة منها دعما لاقتصاد الأسرة وشراء حاجاتها الخاصة التي لا يستطيع الزوج توفيرها لها. منها مثلاً:

1. الصناعات الطينية:

        للاستفادة من الطين المحلي، تقوم النساء بصناعة الفخار البلدي. وقد أشار الباحث الدكتور عبد المجيد أحمد محمد إلى أن الخزف الدار فوري أقدم من المروي في السودان. ويعتبر الخزف من أهم مخلفات الحضارة الإنسانية ويقاس به عمرها. وهو دلالة على إكتشاف النار وطهي الغذاء. وكثيرا ما توجد به زخارف ورسومات تقدم بعض المعلومات عن حياة صانعيه ونظمهم الاجتماعية ونشاطاتهم المعيشية. فتقوم المرأة بصناعة أنواع مختلفة من الجرار كالدوانة وهي أكبرها حجما والجر والبرمة والكلول أو الطاجون. هذا بالإضافة إلى الجبنة والمباخر. ولعل أكثر ما يثير الإعجاب أو الدهشة هو المقدرة الهائلة في صناعة الإشكال الكروية ذات الأعناق المفلطحة دونما استخدام أي آلة أو معين آخر. وهي تقوم بدفنها وحرقها بروث البهائم. كما إنها تصنع السويبات والتي تعرف بالبيلي داخل المنزل أو خارجه. وهي عبارة عن صوامع بلدية لتخزين الغلال. كما أنها تصنع أيضا الأباريق الطينية. وتمسح صناعتها من الخارج بروث البهائم بدلا عن الأسمنت لغفل فتحاتها وتقويتها. وتطليها بالألوان الجيرية التي تضعها في شكل خطوط ومستطيلات ودوائر هذا بالإضافة إلى أن بعض النساء اتجهن مؤخراً نحو العمل في المباني الحديثة بحمل المونة على رؤوسهن أو تسليمها لفني البناء. وقد إكتسبن بعضهن خبرة كبيرة في البناء فصرن أسطوات ماهرات.

2. الصناعات الجلدية:

        تقوم النساء في دار فور وكردفان بإبداع بعض الصناعات الجلدية بعضها يخص المجموعات الرعوية والبعض الآخر يخص سكان البادية والقرى والمدن. منها النسع والسيور والبطانات والحناق والضبايا والوسائد وأنواع من القرفة والعمار بأنواعها المختلفة والشباك والدرنقل والشكابة والبخص والشليل والنواني والرهط وغيرها.

3. السعف والمرحبيب:

        يصنع منها النساء الطباقة بأنواعها المختلفة والحناق والعمار ورقاب البخص (اليقطين) وشباكها فيما يعرف بالحنكوك والشفاية. ويستخدمن الشرائح الملونة بالتفتة بغرض إبداع الأشكال الجميلة.

4. الخشب ولحاء الأشجار:

من أهم الصناعات اليدوية التي تمارسها النساء في دار فور وكردفان هي إنشاء اللقاديب (جمع لقدايه وهي الراكوبة) وهياكل ومباني خيام الرحل من الحطب ولحاء الأشجار. كما يقمن أيضا بدق (قطع) لبد (مفارش) الثيران التي تعرف بالجفي (Chafe) الأحمر المعطون من لحاء شجر التبلدي والخروب وأم ليون وغيره.

5. بعض الصناعات الأخرى:

        تقوم النساء ببعض الصناعات اليدوية الأخرى بالاستفادة من الخامات المحلية كالصابون والطواقي والشالات وزخرفة القرع (اليقطين) عن طريق الحرق وتطريز المناديل والمفارش وبعض مناسج البلاستيك التي دخلت المنطقة حديثاً خاصة المدن. كما يصنعن نوعاً من الصابون والعطور اللينة كالكركار والمجموع ودهن الكرناكة والجافة كالشاف والطلح والصندل والكِيجيجى وأب لِيلَى (Lele) واللبان وغيرها. هذا بالإضافة إلى الكمبو وعسل الهجليج والأندراب والزبدة.

 

د. سليمان يحي


عن الكاتب

Alghaly Yousif مهندس مدني محترف عمل في مختلف مجالات الهندسة المدنية من بناء مجمعات سكنية وطرق وغيرها إلي تشييد السدود و الخزانات

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

تجارب مهنية